سورة الذاريات - تفسير تفسير الخازن

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الذاريات)


        


{وفي أموالهم حق} أي نصيب قيل إنه ما يصلون به رحماً أو يقرون به ضيفاً أو يحملون به كلاًّ أو يعينون به محروماً وليس بالزكاة قاله ابن عباس. وقيل: إنه الزكاة المفروضة {للسائل} أي الذي يسأل الناس ويطلب منهم {والمحروم} قيل هو الذي ليس له في الغنائم سهم ولا يجري عليه من الفيء شيء قال ابن عباس رضي الله عنهما: المحروم الذي ليس له في فيء الإسلام سهم. وقيل: معناه الذي حرم الخير والعطاء، وقيل: المحروم، المتعفف الذي لا يسأل. وقيل: هو صاحب الجائحة الذي أصيب زرعه وثمره أو نسل ماشيته وقيل: هو المحارف المحروم في الرزق والتجارة وقيل: هو المملوك وقيل: هو المكاتب، وأظهر الأقوال، أنه المتعفف لأنه قرنه بالسائل والمتعفف لا يسأل ولا يكاد الناس يعطون من لا يسأل إنما يفطن له متيقظ {وفي الأرض آيات} أي عبر من البحار والجبال والأشجار والثماؤ وأنواع النبات {للموقنين} أي بالله الذي يعرفونه ويستدلون عليه بصنائعه {وفي أنفسكم} أي آيات إذ كنتم نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظماً إلى أن تنفخ الروح.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: يريد اختلاف الألسنة والصور والألوان والطبائع وقيل: يريد سبيل الغائط والبول يأكل ويشرب من مدخل واحد ويخرج من سبيلين وقيل: يعني تقويم الأدوات السمع والبصر والنطق والعقل إلى غير ذلك من العجائب المودعة في ابن آدم {أفلا تبصرون} يعني كيف خلقكم فتعرفوا قدرته على البعث {وفي السماء رزقكم} قال ابن عباس هو المطر وهو سبب الأرزاق {وما توعدون} يعني من الثواب والعقاب. وقيل: من الخير والشر. وقيل: الجنة والنار ثم أقسم سبحانه وتعالى بنفسه فقال {فورب السماء والأرض إنه لحق} أي ما ذكر من الرزق وغيره {مثل ما أنكم تنطقون} أي بلا إله إلا الله.
وقيل: شبه تحقيق ما أخبر عنه بتحقيق نطق الآدمي ومعناه إنه لحق كما أنك تتكلم. وقيل: إن معناه في صدقه ووجوده كالذي تعرفه ضرورة وقال بعض الحكماء معناه كما أن كل إنسان ينطق بلسان نفسه لا يمكنه أن ينطق بلسان غيره كذلك كل إنسان يأكل من رزق نفسه الذي قسم له لا يقدر أن يأكل رزق غيره.
قوله تعالى: {هل أتاك حديث ضيف إبراهيم} يعني هل أتاك يا محمد حديث الذين جاؤوا إبراهيم بالبشرى فاستمع نقصصه عليك وقد تقدم ذكر عددهم وقصتهم في سورة هود {المكرمين} قيل: سماهم مكرمين لأنهم كانوا ملائكة كراماً عند الله. وقيل: لأنهم كانوا ضيف إبراهيم وهو أكرم الخلق على الله يومئذ وضيف الكريم مكرمون.
وقيل: لأن إبراهيم عليه الصلاة والسلام أكرمهم بتعجيل قراهم وخدمته إياهم بنفسه وطلاقة وجهه لهم.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: سماهم مكرمين لأنهم كانوا غير مدعوين.
(ق) عن أبي شريح العدوي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه».


{إذ دخلوا عليه فقالوا سلاماً قال سلام قوم منكرون} أي غرباء لا نعرفكم.
قال ابن عباس: قال في نفسه هؤلاء قوم لا نعرفهم وقيل: إنما أنكر أمرهم، لأنهم دخلوا بغير استئذان وقيل: أنكر سلامهم في ذلك الزمان وفي تلك الأرض {فراغ} أي عدل ومال {إلى أهله فجاء بعجل سمين} أي جيد وكان مشوياً. قيل: كان عامة مال إبراهيم البقر فجاء بعجل {فقربه إليهم} هذا من آداب المضيف أن يقدم الطعام إلى الضيف ولا يحوجهم السعي إليه فلما لم يأكلوا {قال ألا تأكلون} يعني أنه حثهم على الأكل. وقيل: عرض عليهم الأكل من غير أن يأمرهم {فأوجس} أي فأضمر {منهم خيفة} لأنهم لم يتحرموا بطعامه {قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم} أي يبلغ ويعلم وقيل: عليم أي نبي {فأقبلت امرأته} قيل لم يكن ذلك إقبالاً من مكان إلى مكان بل كانت في البيت فهو كقول القائل أقبل يفعل كذا إذا أخذ فيه {في صرة} أي في صيحة والمعنى أنها أخذت تولول وذلك من عاد النساء إن سمعن شيئاً {فصكت وجهها} قال ابن عباس: لطمت وجهها. وقيل: جمعت أصابعها وضربت جبينها تعجباً وذلك من عادة النساء أيضاً إذا أنكرن شيئاً {وقالت عجوز عقيم} معناه: أتلد عجوز عقيم وذلك لأن سارة لم تلد قبل ذلك {قالوا كذلك قال ربك} أي كما قلنا لك قال ربك إنك ستلدين غلاماً {إنه هو الحكيم العليم} ثم إن إبراهيم عليه الصلاة والسلام لما علم حالهم وأنهم من الملائكة {قال فما خطبكم} أي فما شأنكم وما طلبكم {أيها المرسلون قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين} يعني قوم لوط {لنرسل عليهم حجارة من طين} قيل هو الآجر {مسومة} أي معلمة قيل على كل حجر اسم من يهلك به.
وقيل: معلمه بعلامة تدل على أنها ليست من حجارة الدنيا {عند ربك للمسرفين} قال ابن عباس يعني المشركين لأن الشرك أسرف الذنوب وأعظمها.


{فأخرجنا من كان فيها} أي في قرى قوم لوط {من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت} أي أهل بيت {من المسلمين} يعني لوطاً وابنتيه وصفهم الله تعالى بالإيمان والإسلام جميعاً لأنه ما من مؤمن إلا وهو مسلم. لأن الإسلام أعم من الإيمان. وإطلاق العام على الخاص لا مانع منه فإذا سمي المؤمن مسلماً، لا يدل على اتحاد مفهوميهما {وتركنا فيها} أي في مدينة قوم لوط {آية} أي عبرة {للذين يخافون العذاب الأليم} والمعنى تركنا فيها علامة للخائفين تدلهم على أن الله مهلكهم فيخافون مثل عذابهم قوله عز وجل: {وفي موسى} أي وتركنا في إرسال موسى آية وعبرة {إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين} أي حجة ظاهرة {فتولى} أي أعرض عن الإيمان {بركنه} أي بجمعه وجنوده الذين كان يتقوى بهم {وقال ساحر أو مجنون فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم} أي فأغرقناهم في البحر {وهو مليم} أي آت بما يلام عليه من دعوى الربوبية وتكذيب الرسل {وفي عاد} أي وفي إهلاك عاد أيضاً آية وعبرة {إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم} يعني التي لا خير فيها ولا بركة فلا تلقح شجراً ولا تحمل مطراً {ما تذر من شيء أتت عليه} أي من أنفسهم وأموالهم وأنعامهم {إلا جعلته كالرميم} أي كالشيء الهالك البالي وهو ما يبس وديس من نبات الأرض كالشجر والتبن ونحوه وأصله من رم العظم إذا بلي {وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين} يعني إلى وقت انقضاء آجالهم وذلك أنهم لما عقروا الناقة قيل لهم: تمتعوا في داركم ثلاثة أيام.

1 | 2 | 3